الرهاب الاجتماعي وأمور عليك معرفتها للعلاج
إنّ الرهاب الاجتماعي مشكلة نفسية يعاني منها عدد ليس بقليل من الأشخاص في جميع المجتمعات، لذلك حرصنا على تقديم هذا المقال لنتعرف على ما هو الرهاب الاجتماعي؟ وما هي أهم أسباب الرهاب الاجتماعي سواء كان الرهاب الاجتماعي عند الأطفال أو الكبار؟ وسنذكر أيضا أهم طرق علاج الرهاب الاجتماعي، كل هذا سنتعرف عليه وأكثر من خلال موقع مفيد.
ما هو الرهاب الاجتماعي؟
الرهاب الاجتماعي Social Anxiety Disorder هو عبارة عن حالة نفسية تصيب فئة محدودة من الأشخاص، تصل إلى 12 من بين كل 100 شخص.
غالباً ما يصيب النساء بحوالي مرة ونصف مقارنةً بالرجال، بحيث تجعل المريض في حالة خوف أو زُعر عند التعامل مع أشخاص آخرين أو مخالطة أُناس يختلفون عنه من حيث الجنس أو اللغة.
تتمثل تلك الأعراض في ظهور ردّ فعل بدني غير متوقع، مثل الغثيان أو زيادة ضربات القلب كذلك توتر العضلات أو عدم التحكم في الأطراف، وقد تتفاقم تلك الأعراض لتصل إلى نوبات من الهلعّ.
حيث يكمن الخوف داخلهم، من نظرة الأشخاص السلبية لهم والشعور بالرفض أو تلقي بعض الأحكام، كما تظهر بصورة جلية في الأسواق أو المناسبات الاجتماعية كذلك المدارس والمطاعم ….. إلخ.
ليس هذا فحسب، بل ويحاول فئة كبيرة من أولئك الأشخاص إخفاء تلك الحالة أو تحملها قدر الإمكان، لكن هناك البعض الآخر الذي يفشل في ذلك؛ وبالتالي تظهر تلك الأعراض بصورة جلية.
ومن الجدير بالذكر، أن المصابين بداء الرهاب الاجتماعي، غالباً ما يجدون صعوبة في إيجاد شريك الحياة أو العمل في بعض الوظائف التي تتطلب تعامل مباشر مع الأشخاص.
التنمية البشرية والرهاب الاجتماعي
إنّ التنمية البشرية لا علاقة لها إطلاقاً بعلاج الرهاب الاجتماعي، كل ما يُقال من عبارات تحفيزية ما هي إلا كلمات تعمل على إرضاء الغرور الداخلي.
في الحقيقة أنت ما زلت جالساً لا تفعل شيء سوى الاستماع لتلك المحاضرات التي يكون تأثيرها ليس له علاقة بالواقع ووقتي أيضاً، حيثُ أن المشاعر السلبية والأفكار ستعود مجدداً لتسيطر على صاحبها.
كيف تعرف انك مصاب بالرهاب الاجتماعي؟
بشكلٍ عام، يجب أن يتم تحديد الإصابة بالرهاب الاجتماعي من خلال التواصل مع أحد المتخصصين، الذين يقومون بإجراء بعض الاختبارات وطرح الكثير من الأسئلة؛ ومن ثمّ تأكيد الإصابة من عدمها.
لكن هناك بعض المؤشرات التي يمكن من خلالها تحديد درجة إصابة الشخص بـ الرهاب الاجتماعي، فنجد مثلاً:
- عند الشعور بالقلق والتوتر في التجمعات العائلية.
- عدم قبول دعوات الحفلات بسبب توقع الإحراج من الآخرين.
- تجنب المواقف التي يصبح فيها الشخص محور الإهتمام.
- القلق المسبق عند التحدث مع الآخرين.
أقرأ أيضا: علاج الرهاب الإجتماعي بدون أدوية
ما هو الفرق بين الرهاب الاجتماعي والخجل؟
هناك بعض الفروق البسيطة التي توجد بين الرهاب الاجتماعي والخجل، حيث يشير المتخصصين أن الخجل عبارة عن حالة مؤقتة، تصيب الشخص بسبب التعرض لموقف ما، وسرعان ما يزول بانتهاء الموقف.
أما عن الرهاب الاجتماعى فهو انتقائي أو يستمر لفترة أطول، حيث ينشأ من العقل أو تظل الأفكار تراود الشخص وتغذي تلك الحالة، من خلال تخيل المواقف وتعرضه للإحراج بها.
كما نجد من يشعر بالخجل، يستمر لعدة دقائق عند تواجده في ذلك الظرف، لكنه سرعان ما يتغلب على تلك المشكلة ويتعامل بطريقة طبيعية مع الأشخاص المحيطين به.
لكن من يعاني من الرهاب الاجتماعي فإنه لا يستطيع ذلك، بل على العكس تتفاقم المشكلة وتزداد حدة التوتر والقلق على الشخص المصاب مع زيادة التعرق أو ارتعاش اليدين.
ما هي أسباب الرهاب الاجتماعي؟
قد ينشأ الرهاب الاجتماعي عند الكبار، بسبب توافر أي من الأسباب التالية:
- العوامل البيولوجية المتمثلة في فرط نشاط الدوائر العصبية في المخ أو ارتفاع مستوى الناقلات العصبية مثل السيروتونين أو الجلوتامات.
- الجينات الوراثية، فنجد أحد الآباء أو الأجداد مصابون لتلك الحالة من قبل.
- التعرض لبعض الظروف الاجتماعية السيئة مثل تعامل الأبوين مع بعضهما البعض بصورة غير لائقة كذلك وفاة أحد الأشخاص المقربين مثل الأخ أو الأخت.
- المرور ببعض التجارب السيئة من الآخرين مثل السخرية أو الإهانة من قبل أحد الزملاء في الدراسة أو العمل.
أسباب فوبيا الرهاب الاجتماعي المجتمعية عند الكبار
هناك سببان رئيسيان لهذه الفوبيا المجتمعية. الأول: ضعف الثقة بالنفس، الثاني: الانقطاع الطويل عن الحياة الاجتماعية وهو سبب غير مباشر لضعف الثقة بالنفس، حيثُ يكون الشخص غير واثق تماماً من قدرته على التواصل مع الآخرين أو أن ينال تقديرهم. الرهاب الاجتماعي الناتج عن انعدام الثقة بالنفس تتبعه عوامل عدّة. قد تتوافر جميعها في الشخص أو قد تكون واحدة منها. تتضمن تلك العوامل: ضعف الثقة بالشكل، المبادئ، الأفكار، القدرة على التواصل، اكتساب احترام الآخرين. إن كنت تعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي عليك أن تعرف أي عامل من تلك العوامل هو المسبب الرئيسي للمشكلة، لكن هناك أمور مهمة عليك معرفتها وهي التي تضمن العلاج المؤكد لمشكلتك.
مضاعفات الرهاب الاجتماعي
في حال إهمال أعراض الرهاب الاجتماعي وعدم معالجتها لفترات طويلة؛ قد يؤدي ذلك إلى حدوث بعض المضاعفات أو الأضرار الجانبية الخطيرة، التي يصعب التخلص منها فيما بعد، فنجد مثلاً:
- عدم القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة.
- انعدام الثقة بالنفس بالإضافة إلى الحساسية المفرطة تجاه الآخرين.
- العزلة وتجنب الاختلاط بالآخرين مع ضعف في المهارات الاجتماعية.
- تكوين بعض الأفكار الانتحارية أو التي تهدف إلى إيذاء الآخرين.
- سوء التحصيل الدراسي أو الوظيفي.
- الاتجاه إلى عالم المخدرات؛ للتنفيس عن الطاقة السلبية المتراكمة داخله.
علاج الرهاب الاجتماعي بالأدوية
هناك بعض الحالات الأخرى التي يلجأ فيها الطبيب إلى استخدام بعض العقاقير الطبية في بداية خطة العلاج؛ ومن ثمّ يتم الإعتماد على خطة العلاج السلوكية، فنجد مثلاً بعض الآليات المتبعة في علاج الرهاب الاجتماعي بالأدوية:
- استخدام المهدئات التي تعتمد على مادة “البنزوديازيبينات” حيث تقوم بتقليل حدة نوبات الخوف أو القلق التي تصيب مرضى الرُهاب، لكن غالباً ما توصف في المراحل المتأخرة من المرض.
- وصف بعض العقاقير الطبية المضادة للاكتئاب، حيث يتم تناولها لفترة قصيرة ثم سحبها مرة أخرى.
- استخدام مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية، التي تحقق نتائج فعالة في تقليل الأعراض الجانبية الناتجة عن الرهاب الاجتماعي.
ومن الجدير بالذكر، أن تلك الخطة العلاجية لا تقوم وحدها بتقليل الرهاب، لكن يجب حدوث تغييرات جذرية في العادات اليومية أو طريقة التفكير، من خلال تخيل المواقف المسببة للإحراج وقيام الشخص بالتغلب على تلك المواقف.
يفضل أيضاً أن يتم ممارسة الرياضة والانشغال بـ تعلم أو تنمية المهارات الشخصية، فضلاً عن تجنب الكافيين والكحوليات، ومحاولة التواصل البصري مع الآخرين ومناقشة مواضيع مشتركة.
شاهد المزيد: من الاعراض الجسدية للخجل
كيف تتجنب الإصابة بالرهاب الاجتماعي؟
هنالك بعض الخطوات التي يمكن تنفيذها من أجل تجنب الإصابة بالرهاب الاجتماعي أو تقليل الأعراض المصاحبة له إذا كانت في بدايتها، فنجد على سبيل المثال:
- طلب المساعدة من المقربين أو الطبيب المختص، بحيث يتم وضع خطة شاملة للتغلب على حالة القلق أو نوبات التوتر المفاجئة.
- التواجد في الحفلات أو التجمعات العائلية مع أشخاص مقربين.
- تحديد مذكرة يتم كتابة المواقف التي تسبب الخجل أو التوتر الزائد.
- الإقلاع عن تناول المنشطات أو تعاطي المخدرات.
الحل الحقيقي للرهاب الاجتماعي
إن الحل الأمثل والرئيسي هو مواجهة مخاوفك، “إن كنت تخشي شيئاً فافعله”. جميع المرضى السابقين للرهاب الاجتماعي أكدوا أن هذه الفوبيا لا يتم التخلص منها إلا بالتواصل مع العالم الخارجي و المحاولة المستمرة.
يقول أحد المرضى السابقين، نعم ستفشل مراراً وتكراراً، ستشعر بالإحباط و التوتر. لكن كن متأكداً بعد ذلك أنك ستتعجب من أنك كنت تخشى أموراً كالتحدث مع الآخرين أو إبداء رأيك أو حتى القلق على مظهرك الاجتماعي ” إنها أشياء لا تستحق أبداً”.
يضيف أحدهم: إن كنت على أتم الثقة أنّ رأي الآخرين بك لن يقدم أو يؤخر أو يؤثر عليك بشكل سلبي، وأنك واثق تماماً بمبادئك حتى لو لم تكن متوافقة مع من هم حولك، فهذه هي الخطوة الأهم.
والأكثر من ذلك لا أحد يمتلك الحق بإهانتك أو إهانة أفكارك، وإن حصل فهذا لا يقلل أبداً من شأنك، كن مرناً تتعامل بروح رياضية عالية مع أي موقف يواجهك.
لا تشعر نفسك أن آراء الآخرين بك هي خدش لكرامتك، هذا ليس له علاقة أبداً بكرامتك أو مظهرك أمام الآخرين، هذا يرجع للشخص نفسه والأسلوب الذي نشأ عليه ولا يقلل أبداً من شأنك، فكما هو واثق من موقفه كن أنت كذلك أيضاً.
الخطوة الأولى
أول خطوة قبل مواجهة المجتمع هي أن تعرف نقاط ضعفك التي تسبب لك المشكلة، لحل مشكلة الرهاب الاجتماعي، كن صريحاً جداً مع ذاتك.
لا أحد سواك الآن يتحدث ويفكر، هل أنت غير واثق من مظهرك؟ لماذا؟ ما هي الأمور التي بإمكاني فعلها لأحسن من مظهري؟
تقول رشا 25 عاماً: لم أكن أصدق ما يقوله الناس عن أن كل شخصٍ جميل بطريقته، لكن نحن لا نستطيع أن نظهر هذا الجمال، إلا بعد أن جربت وأيقنت أنك بالفعل تستطيع أن تكون أجمل إنسان لو قمت بالتركيز على ملامحك الجميلة وإبرازها.
إن اختلاف شكلك عن الآخرين هو الذي يبرز هويتك، وكن متأكداً أن الشكل بدون ثقة بالنفس لا يساوي شيئاً، الثقة هي أفضل من الجمال بأضعاف كثيرة.
الخطوة الثانية
هل أنت غير واثق من أفكارك، هل تخشى أن تعبر عن رأيك ويقابلك الآخرين بالصد أو السخرية؟ تأكد تماماً أن كل تلك الأفكار على الرغم من أنك لا تظهرها سيشعر بها الآخرون وبالتالي لن يقدروك.
تقدير الآخرين نابع من تقديرك لنفسك، تخلى تماماً عن تلك المشاعر و الأفكار السلبية، و الخطوة التالية هي مواجهة المجتمع.
تقول سيرين 19 عام: لا أعرف كيف كنت أتعامل مع المجتمع كأنه وحش وسيأكلني في لحظة من اللحظات. أدركت لاحقاً أن أوهامي تلك كانت سخيفة، حتى لو لم أكن أظن بشكل مباشر أنهم وحوش إلا أنني كنت أتعامل مع المواقف على أساس ذلك.
كنت أخاف من كل شيء حتى إبداء رأيي أو التحدث مع أحد، عندما تخلصت من كل تلك المخاوف لم يعد للرهاب الاجتماعي أي وجود في حياتي.
في نهاية الأمر كل ما عليك فعله هي إجراءات تطبيقية، اطرح على نفسك الأسئلة وقم بالإجابة عليها ومن ثم خالط المجتمع وستكتسب خبرة ووعياً كبيراً بأن الثقة بالنفس شيء مكتسب وبشكل تدريجي، وشيء يمكن فقدانه وبشكل تدريجي.
أعراض الرهاب الاجتماعي عند الأطفال
لا يقتصر الرهاب الاجتماعي على الكبار فقط، لكنه يشمل أيضاً نسبة كبيرة من الأطفال، فعلى الرغم من شعور الأطفال الدائم بالخجل، إلا أن هناك بعض الحالات الأخرى التي تشير إلى إصابة الطفل بالرهاب الاجتماعي، فنجد مثلاً:
- تشبث الطفل ببعض الأشخاص أو قطع الأثاث التي توجد بجانبه في حال تعرضه لبعض المواقف المحرجة.
- التصلب أو التجمد في مكانه مع فقدان القدرة على النطق.
- الإصابة بنوبات من الغضب تجعله يكسر الأشياء من حوله.
- تعلق الطفل بأشخاص دون غيرهم ورفض التعامل معهم بشكل قطعي.
علاج الرهاب الاجتماعي عند الأطفال
يمكن علاج الرهاب الاجتماعي عند الأطفال من خلال طريقتين للعلاج، تكمل كل منهما الآخر، فنجد مثلاً:
العلاج المعرفي
تشمل تلك الخطة العلاجية تعلم الطفل بعض المهارات الاجتماعية التي تعزز ثقته بنفسه، فضلاً عن اختلاق بعض المواقف التي تجعله يواجه حشود من الأشخاص مثل الحفلات المدرسية أو التجمعات العائلية، بحيث تصبح تحدي كبير له، فضلاً عن مساعدة الأقارب والأصدقاء في خروج الطفل من تلك الحالة.
العلاج الدوائي
وهنا يتم تقديم جرعات مخفضة من بعض العقاقير الطبية المثبطة لـ السيروتونين، لكن غالباً ما يتم اللجوء إلى تلك الخطة العلاجية في الحالات النادرة، التي يفشل فيها العلاج المعرفي في تعديل سلوك الطفل، بحيث تتم تحت إشراف الطبيب الذي يقوم بتحديد الجرعة بكل دقة، حسب درجة الرهاب الاجتماعي التي وصل إليها الطفل.
وختاما يجب معرفة أسباب الرهاب الاجتماعي والتفرقة بينه وبين الخجل وكيفية التجنب من إصابتك بالرهاب الإجتماعي، وإن كنت تعاني منه يجب معرفة أهم طرق علاجه.
يمكنك مشاهدة: